تستمر جهود المملكة الجبّارة في مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص على الصعيدين المحلي والدولي، انطلاقا من الشريعة الإسلامية التي حرّمت هذه الجريمة الشنيعة، أصدرت المملكة نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في عام 1430 هـ، الذي جرّم الاتجار بأي شخص و بأي شكل من الأشكال، وقد تظافرت جهود الجهات الحكومية في اجتثاث هذه الجرائم مع عدم التساهل مع مرتكبيها حال وقوعها – لا سمح الله-، ففي الجانب الوقائي نفذت وزارة الموارد البشرية خلال عام 2020 عدداً من السياسات التي تحد من تعرض العاملين لأوجه الاتجار بالأشخاص وتحمي حقوقهم، كمبادرة تحسين العلاقة التعاقدية التي تعزز من حرية العامل في الانتقال الوظيفي ومغادرة البلاد، و تطوير إجراءات وعمليات مكافحة الاتجار بالأشخاص لتشمل تلقي البلاغات والشكاوى وحلها بشكل مؤتمت، أما في جانب العقوبات، فقد أصدر سمو وزير الداخلية قراراً باعتبار جريمة الاتجار بالأشخاص من الجرائم الموجبة للتوقيف.
وعلى الصعيد الدولي، فإن المملكة من الدول المصّدقة ل(بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال)، وهي الاتفاقية الرئيسة للأمم المتحدة في تعريف الاتجار بالأشخاص ومكافحته وتتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية والإقليمية والدولية في العديد من الأنشطة والفعاليات لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص.
وانطلاقا من حرص المملكة على استمرار هذه الجهود، تم نشر مشروع تعديل نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / ٤٠ وتاريخ ٢١ / ٧ / ١٤٣٠هـ في تاريخ 20/06/2022 مـ ، ويهدف المشروع إلى تطوير المنظومة التشريعية الوطنية لتتوافق مع البروتوكول المذكور آنفا، خاصة في مجال التعاون الدولي ومساعدة الضحايا وأبرز ملامح هذا المشروع هو الآتي:
- وسّع المشروع ما يندرج تحت جرائم الاتجار بالأشخاص بإضافة المشروع إخفاء أو حجز أو إتلاف جواز السفر كوسيلة من وسائل الضغط على إرادة المجني عليه
- أضاف عقوبات على المحرض والمساعد وعلى الذي انتفع ماديا بخادمات الضحية مع علمه بأنها ضحية،
- كما تضمن المشروع نصوصا تتعلق بالتعاون المحلي والإقليمي والدولي غير موجودة في النظام الحالي، ويشمل ذلك التنسيق الإقليمي والدولي بين الجهات الحكومية والقضائية وجهات الضبط.
وفي الختام
يُعد مشروع تعديل نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص استمراراً لدور المملكة الفاعل في مواجهة هذه الجريمة عابرة الحدود والتي تعتبر أحد أكثر الجرائم تفشيا في عصرنا الحالي، وتتطلب حزماً في مواجهتها وتعاوناً دولياً لرصدها والحد منها، ويهدف المشروع إلى تطوير النظام الحالي ليتمشّى مع الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي دخلتها المملكة في هذا الجانب لتستمر المملكة في دورها الرائد إقليميا ودوليا كأحدآ أهم الدول المجابهة لهذه الظاهرة.