أبرز ملامح نظام الإثبات السعودي في أحكام الشهادة والمحررات
بدأ سريان نظام الإثبات مؤخراً على المعاملات التجارية والمدنية في المملكة العربية السعودية، وقد جمع النظام أحكام ووسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية ونظام المرافعات الشرعية ورجّح آراءً على أخر بهدف توحيد طرق الإثبات وأحكامها، فنتج عن ذلك توسع في بعض مسائل الإثبات كالمحررات والشهود وتضييق في بعضها الآخر بما يتناسب مع واقع الحال كالآتي:
في باب التوسع:
1- أجاز نظام الإثبات الاحتجاج بالصور الرسمية للمحررات دون تصديقها في حال لم يُطعن في صحتها، كما أجاز الاحتجاج بالصور الرسمية في حال فقدان الأصل وأضفى على تلك الصور حجية الأصل متى كان مظهر الصور الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل.[i] كما وسع النظام هذه الإجازة لتشمل حجية المحرر العادي على من وقعه.[ii]
2- أجاز نظام الإثبات أداء الشهادة كتابة بإذن المحكمة دون القيد المفروض سابقا على ذاك الإذن في نظام المرافعات الذي كان يشترط أن تسوّغ طبيعة الدعوى الشهادة الكتابية.[iii][iv]
3-نص النظام صراحة على عدم اشتراط إحضار مزكيين للشاهد على خلاف ما تعمل به المحاكم حاليا، إلا أنه تمت موازنة ذلك بالسماح للخصوم بشكل صريح باستجواب الشهود مباشرة دون إذن المحكمة في المرة الأولى، كما أجاز النظام للمحكمة تحليف الشهود عند الاقتضاء على أن تقدر المحكمة أثر امتناع الشاهد عن الحلف.[v]
في باب التقييد:
لعل أبرز ما جاء به النظام الجديد في هذا الباب هو الآتي:
1-اشترط النظام الإثبات بالكتابة لكل تصرف تزيد قيمته عن مائة ألف ريال، أو كان غير محدد القيمة، ولا ينال من ذلك وجود شهود لذلك التصرف، إذ أن النظام الجديد صريح في عدم قبول الشهود فيما يجب إثباته كتابة إلا في حالات ضيقة كوجود مانع مادي – كعدم إجادة صاحب التصرف للكتابة – أو أدبي – كوجود رابطة الزوجية أو صلة القرابة أوالمصاهرة حتى الدرجة الرابعة [vi]
2- اكتفى النظام الحالي بإمهال الخصوم مرة واحدة لإحضار الشهود بعد أن كان نظام المرافعات يجيز للخصم أن يطلب المهلة مرتين، فضلا عن ذلك،
3-استحدث النظام تغريم من ادعى تزوير محرر أو عدم صحته وثبت للمحكمة بعد التحقق صحة ذاك المحرر أو التوقيع بغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف ريال.[vii]
خاتمة القول:
يُفهم من هذه التغييرات توجه المنظم السعودي إلى الحد من إطالة أمد التقاضي بكثرة المهل أو الطلبات غير المنتجة في الدعوى كادعاء تزوير المحرر أو عدم صحته دون مسوغ، أو المماطلة في إحضار الشهود أو المزكين لهم، ويرافق هذا التوجه التجويد لوسائل وأحكام الإثبات -وفقا لما يقتضيه الواقع والحال – وذلك بموازنة التسهيلات المستحدثة بالنظام الجديد مع ما أضافه النظام من صلاحيات للمحكمة وللخصوم بشكل خاص في معاينة ما يقدم أمامهم من محررات وشهادات، كاستجواب الخصوم للشهود مباشرة وتحليف المحكمة لهم، كل ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق العدالة الناجزة دون إخلال بقواعد الإثبات المعتبرة شرعا وقضاء.
والله أعلم
نظام الإثبات، مرسوم ملكي رقم (م/43) وتاريخ 1443/5/26هـ الباب الثالث، الفصل الأول
[ii] نظام المرافعات الشرعية مرسوم ملكي رقم ( م/1 ) بتاريخ 22 / 1 / 1435 المواد 139-140
[iii] نظام المرافعات الشرعية مادة 124
[iv] نظام الإثبات، الباب الثالث، الفصل الخامس
[v] نظام الإثبات، المواد 174-179
[vi] نظام الإثبات، المواد 66 و 68
[vii] نظام الإثبات، المواد 43 و49
المواد المتناولة في نظام الإثبات
المادة السابعة والعشرون
- إذا كان أصل المحرَّر الرسمي موجوداً، فإن صورته الرسمية تعد حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل.
- تكون الصورة رسمية إذا أخذت من الأصل؛ وفقاً للإجراءات المنظمة لذلك.
- تعد الصورة الرسمية مطابقة للأصل؛ ما لم ينازع في ذلك أي من ذوي الشأن، فيجب مطابقتها للأصل.
المادة الثامنة والعشرون
إذا لم يوجد أصل المحرَّر الرسمي فتكون للصورة الرسمية حجية الأصل؛ متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل، وما عدا ذلك من الصور فلا يعتد بها إلا لمجرد الاستئناس.
(الفصل الثاني) المحرَّرات العادية
المادة التاسعة والعشرون
- يعد المحرَّر العادي صادراً ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلَفُه أو ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.
- من احتج عليه بمحرَّر عادي وناقش موضوعه أمام المحكمة فلا يقبل منه أن ينكر بعد ذلك صحته، أو أن يتمسك بعدم علمه بأنه صدر ممن تلقى عنه الحق.
المادة الثالثة والأربعون
- إذا حكم بصحة المحرَّر كله فيحكم على من أنكره بغرامة لا تزيد على (عشرة آلاف) ريال، وذلك دون إخلال بحق ذوي الشأن في المطالبة بالتعويض.
- لا تتعدد الغرامة بتعدد الخلف أو النائب، ولا يحكم بالغرامة على أي منهما إذا اقتصر إنكاره على نفي العلم.
(الفرع الثالث) الادعاء بالتزوير
المادة الرابعة والأربعون
- يكون الادعاء بالتزوير في أي حالة تكون عليها الدعوى، ويحدد المدعي بالتزوير كل مواضع التزوير المدعى به، وشواهده، وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها، ويكون ذلك بمذكرة يقدمها للمحكمة أو بإثباته في محضر الجلسة.
- إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرَّر أو بتزويره، ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه المدعي بالتزوير منتج وجائز؛ أمرت به.
- يكون الأمر بالتحقيق في الادعاء بالتزوير بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما، وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا الباب.
المادة الخامسة والأربعون
- على مدعي التزوير أن يسلم المحكمة المحرَّر المدعى تزويره إن كان تحت يده أو صورته المبلغة إليه، وإذا امتنع عن تسليم المحرَّر أو صورته -بحسب الأحوال- سقط حقه في الادعاء بتزويره، ولا يقبل منه هذا الادعاء بعد ذلك.
- إذا كان المحرَّر تحت يد الخصم فللمحكمة أن تكلفه بتسليمه إلى المحكمة، أو تأمر بضبطه وإيداعه، وإذا امتنع الخصم عن تسليم المحرَّر وتعذر على المحكمة ضبطه عُد غير موجود، ولا يمنع ذلك من ضبطه -إن أمكن- فيما بعد.
المادة السادسة والأربعون
- يجوز لمن يدعي تزوير المحرَّر أن يتنازل عن ادعائه قبل انتهاء إجراءات التحقيق، ولا يقبل منه ادعاء تزوير المحرَّر بعد تنازله.
- يجوز للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات التحقيق في التزوير -في أي حالة كانت عليه- بنزوله عن التمسك بالمحرَّر المدعى تزويره، وللمحكمة في هذه الحالة أن تأمر بضبط المحرَّر أو حفظه إذا طلب المدعي بالتزوير ذلك لمصلحة مشروعة.
المادة السابعة والأربعون
الأمر بالتحقيق في ادعاء التزوير يوقف صلاحية المحرَّر المدعى تزويره للتنفيذ، وذلك دون إخلال بالإجراءات التحفظية.
المادة الثامنة والأربعون
يجوز للمحكمة -ولو لم يُدَّعَ أمامها بالتزوير- أن تحكم برد أي محرَّر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور، ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك.
المادة التاسعة والأربعون
- إذا حكم برفض الادعاء بتزوير المحرَّر أو سقوط حق مدعي التزوير في الإثبات، حكم عليه بغرامة لا تزيد على (عشرة آلاف) ريال، وذلك دون إخلال بحق ذوي الشأن في المطالبة بالتعويض.
- لا يحكم بالغرامة على مدعي التزوير إذا تنازل عن ادعائه قبل انتهاء إجراءات التحقيق فيه؛ ما لم يثبت للمحكمة أنه قصد الكيد لخصمه أو تأخير الفصل في الدعوى
- لا يحكم بالغرامة على مدعي التزوير إذا ثبت بعض ما ادعاه.
- إذا ثبت تزوير المحرَّر أحالته المحكمة إلى النيابة العامة؛ لاتخاذ الإجراءات اللازم
المادة السادسة والستون
- يجب أن يثبت بالكتابة كل تصرف تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) أو كان غير محدد القيمة.
- لا تقبل شهادة الشهود في إثبات وجود أو انقضاء التصرفات الواردة في الفقرة (1) من هذه المادة، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
- يقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف بغير ضم الملحقات إلى الأصل.
- إذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود في كل طلب لا تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها)؛ ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد على تلك القيمة، أو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات ذات طبيعة واحدة.
- تكون العبرة في إثبات الوفاء الجزئي بقيمة الالتزام الأصلي.
المادة الثامنة والستون
يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية:
- إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة.
- إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، ويعد من الموانع المادية عدم وجود من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفاً في العقد، ويعد من الموانع الأدبية رابطة الزوجية، وصلة القرابة والمصاهرة حتى الدرجة الرابعة.
- إذا ثبت أن المدعي فقد دليله الكتابي بسبب لا يد له فيه.
المادة الثالثة والسبعون
إذا طلب أحد الخصوم إمهاله لإحضار شهوده فيمهل مرة واحدة، فإذا لم يحضرهم في الموعد المحدد بغير عذر تقبله المحكمة أو أحضر منهم من لم توصل شهادته؛ فعلى المحكمة أن تفصل في الخصومة.
المادة الرابعة والسبعون
- تؤدى الشهادة شفاهاً. ويجوز أداؤها كتابة بإذن المحكمة.
- يجوز للمحكمة تحليف الشاهد عند الاقتضاء، وإذا امتنع عن الحلف فتقدر المحكمة أثر ذلك.
المادة السابعة والسبعون
- لأي من الخصوم توجيه الأسئلة مباشرة إلى الشاهد، وإذا انتهى الخصم من سؤال الشاهد فلا يجوز له إبداء أسئلة جديدة إلا بإذن المحكمة.
- للمحكمة أن توجه للشاهد ما تراه من الأسئلة مفيداً في كشف الحقيقة.
- ليس للخصم أن يقطع كلام الشاهد أثناء أداء الشهادة أو الإجابة.
- للخصم الاعتراض على سؤال وجه للشاهد، وعليه أن يبين وجه اعتراضه، ويُثبت الاعتراض وما تقرره المحكمة بشأنه في محضر الجلسة.
- للشاهد أن يمتنع عن الإجابة على سؤال وجه إليه، وعليه أن يبين وجه امتناعه، ويُثبت ذلك وما تقرره المحكمة بشأنه في محضر الجلسة.
المادة التاسعة والسبعون
- للخصم المشهود عليه أن يبين للمحكمة ما يخل بشهادة الشاهد من طعن فيه أو في شهادته. وتقدر المحكمة أثر ذلك في الشهادة.
- للمحكمة تقدير عدالة الشاهد من حيث سلوكه وتصرفه وغير ذلك من ظروف الدعوى، دون حاجة إلى التزكية، ولها عند الاقتضاء الاستعانة في تقدير العدالة بما تراه من وسائل.
المواد المتناولة في نظام المرافعات الشرعية
المادة الرابعة والعشرون بعد المائة:
تؤدَّى الشهادة شفهيًا، ولا يجوز الاستعانة في أدائها بمذكرات مكتوبة إلا بإذن القاضي وبشرط أن تسوِّغ ذلك طبيعة الدعوى. وللخصم الذي تؤدى الشهادة ضده أن يبين للمحكمة ما يخل بشهادة الشاهد من طعن فيه أو في شهادته.
المادة الخامسة والعشرون بعد المائة:
للقاضي – من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب أحد الخصوم – أن يوجه إلى الشاهد ما يراه من الأسئلة مفيدًا في كشف الحقيقة، وعلى القاضي في ذلك إجابة طلب الخصم، إلا إذا كان السؤال غير منتج.
المادة السادسة والعشرون بعد المائة:
إذا طلب أحد الخصوم إمهاله لإحضار شهوده الغائبين عن مجلس الحكم فيمهل أقل مدة كافية في نظر المحكمة، فإذا لم يحضرهم في الجلسة المعينة أو أحضر منهم من لم توصل شهادته أمهل مرة أخرى مع إنذاره باعتباره عاجزًا إن لم يحضرهم، فإذا لم يحضرهم في الجلسة الثالثة أو أحضر منهم من لم توصل شهادته فللمحكمة أن تفصل في الخصومة. فإذا كان له عذر في عدم إحضار شهوده كغيبتهم أو جهله مكان إقامتهم كان له حق إقامة الدعوى متى حضروا.
المادة التاسعة والثلاثون بعد المائة:
الكتابة التي يكون بها الإثبات إما أن تدون في ورقة رسمية أو في ورقة عادية. والورقة الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقًا للأوضاع النظامية وفي حدود سلطته واختصاصه.
أما الورقة العادية فهي التي يكون عليها توقيع مَنْ صدرت منه أو ختمه أو بصمته.
المادة الأربعون بعد المائة:
للمحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط والمحو والتحشية وغير ذلك من العيوب المادية في الورقة من إسقاط قيمتها في الإثبات.
وإذا كانت صحة الورقة محل شك في نظر المحكمة، جاز لها أن تسأل الموظف الذي صدرت منه أو الشخص الذي حررها ليبدي ما يوضح حقيقة الأمر فيها.
المادة الحادية والأربعون بعد المائة:
لا يقبل الطعن في الأوراق الرسمية إلا بادعاء التزوير، ما لم يكن مذكورًا فيها ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
المادة الثانية والأربعون بعد المائة:
إذا أنكر من نسب إليه مضمون ما في الورقة خطه أو توقيعه أو بصمته أو ختمه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكانت الورقة منتجة في النزاع ولم تكفِ وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بمدى صحة الخط أو التوقيع أو البصمة أو الختم فللمحكمة إجراء المقارنة تحت إشرافها بوساطة خبير أو أكثر تسميهم في قرار المقارنة.
المادة السابعة والأربعون بعد المائة:
إذا كان أصل الورقة الرسمية موجودًا، فإن الصورة التي نقلت منها خطيًا أو تصويرًا وصدرت من موظف عام في حدود اختصاصه – صدّق على مطابقتها لأصلها – تكون لها قوة الورقة الرسمية الأصلية بالقدر الذي يقرر فيه بمطابقته الصورة للأصل. وتعد الصورة المصدقة مطابقة للأصل، ما لم ينازع في ذلك أحد الخصوم، وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل، وكل صورة غير مصدقة بما يفيد مطابقتها لأصلها لا تصلح للاحتجاج.